الإصلاح التربوي عملية معقّدة تتخطى صانعي القرار بو رجيلي لـ"النهار": خطة التربية للامتحانات تبدأ من المدرسة

Wednesday, 15 June 2016 - 1:00am
تناولت الأستاذة في كلية التربية في الجامعة اللبنانية الدكتورة سوزان أبو رجيلي في حديث إلى "النهار" مدى ارتباط الامتحانات الرسمية بمصير التلميذ كاستحقاق يحدد مستوى المرشح وتقويمه لنفسه ولمحيطه المباشر وغير المباشر ودور المنهج الخفي في بناء المساواة بين المواطنين.

ذكرت أبو رجيلي أن مرشحي الامتحانات يشعرون بأنهم ينسلخون عن بيئتهم المدرسية، وعن معلميهم الذين اعتادوا عليهم منذ أعوام. وأشارت إلى أن غالبية التلامذة يشعرون بالضغط وكذلك بالغصة عند مغادرة مدرستهم لأنهم يدركون أنهم انتقلوا الى مرحلة إجراء الامتحانات الرسمية، ووضعهم في حرم مدرسة أخرى مختلفة عن البيئة التربوية التي عاشوا فيها مدة طويلة. ولفتت إلى أن وزير التربية الياس بو صعب يدرس توجهاً جديداً لتنظيم الامتحانات الرسمية في المدرسة التي درس فيها التلميذ مع توفير شروط صارمة في النظم اللوجستية للامتحانات وضبط آلية الرقابة داخل القاعة.
ورأت أن هذا الطرح الجديد للامتحانات، في حال تنفيذه، يخفف من وطأة الضغط النفسي، الذي يلازم المرشح في المرحلة التحضيرية للامتحان وخلاله، لأنه سيرى نفسه في المحيط ذاته الذي درس فيه منذ أعوام عدة.
وتوقفت عند المنهاج وتحديداً الزاوية الرئيسية للنص المكتوب، أي الوثيقة المكتوبة الرسمية التي يخرج منها محتوى معيناً لتربية المواطن، ويرتكز، وفقاً لها، على مقومات أساسية للمعلم تؤهله للتجاوب مع المطلوب من الفرقاء كلهم وللمساهمة في تطبيق المنهج.
وتناولت دور المنهج الخفي في نمط حياة الأسرة التربية والاتجاهات التي سيعتمدها المربون مع التلامذة ونمط تعاملهم مع شيء معين في المنهج. وشرحت أن هذا المنهج الخفي يكشف مدى قدرة المربي على الترفع عن الأحكام المسبقة التي يمكن أن يصدرها في حق أي تلميذ، معتبرة أن هذا النمط السلوكي والتفكيري لدى المربي القائم على الابتعاد الكلي من الأحكام المسبقة هو حاجة ماسة لتتوافر من خلاله فرصة لتعلم التلميذ ونموه كما هو من دون أي تمييز للبيئة المدرسية التي يترعرع فيها أو الخلفية العائلية التي يتحدر منها.
وبرأيها، يعيد المنهج إنتاج نظام تربوي لا يراعي واقع المهمشين. فالواقع اللبناني، وفقاً لها، يتماشى ليس فقط مع شخصية المعلم بل يندرج ضمن تصنيف المدرسة. ورأت أن القسط المدرسي أو المبلغ المالي المرصود للدراسة يؤدي دوراً في تفاقم اللامساواة و اللاعدالة بين التلامذة ويمنع حق التعلم في أي مدرسة. وحذرت من الأحكام المسبقة لدى المعلم، والتي لن تساهم في إخراج المهمشين عند قدومهم إلى المدرسة، من الإدانة التي تساق في حقهم. ورأت أن هذا الواقع مسؤول عن إنتاج الراديكالية في الضواحي الفقيرة في كل المدن عبر العالم كله، لافتة الى أن المجتمع الإستهلاكي يلبي حاجة الرأسماليين من دون التنبه لواقع هذه الفئة أو حتى السعي لتخصيص مساحة في التعليم أو التنسيق معها لبلوغ هذا الهدف.
ونبهت من صعوبات الإصلاح التربوي، والذي يعرف وفقاً للدراسات الأخيرة حوله، بأنه لا يكون منزلاً على البيئة المعنية به. وبمعنى آخر، لا يمكن أن يبقى هذا الإصلاح التربوي محصوراً بصانعي القرار أي وزارة التربية وتربويين ليقرروا أولويات النهوض بمنأى عن المجتمع المعني بالقضية، داعية إلى الشركة الحقيقية مع من يعلمون في المدارس والجامعات في شؤون تربوية تساهم في تعزيز عملية النهوض.
وتوقفت أخيراً عند دور كلية التربية في الجامعة اللبنانية التي تهتم كثيراً في بناء علاقة مع المدارس. وشرحت أن همنا في الكلية كأساتذة وباحثين وإداريين أن نتعلم بالتعاون مع المدارس ونرصد الحاجات معاً ونعمل على تكييف التطور ونظم الدراسة وفقاً لهذه الحاجات، مشددة على أن ذلك يتم وفقاً لبحوث معمقة نقوم بها وتساهم في إدراج المشكلات ورصد الحلول بالشركة مع المدارس.
وحذرت من العمل الفردي الذي لا يبني الأوطان ولا تقوم عليه التربية، داعية إلى العمل الجماعي والتفكير المشترك، لأن العمل معاً هو الوسيلة الوحيدة لتطور المجتمعات والتربية عن سواها.

لبنان ACGEN النهار تربية وتعليم