«الاستنسابية» تحكم قرارات الجامعة اللبنانية

Tuesday, 8 March 2016 - 12:00am
بعد صدور قرار تعيين عمداء أصيلين لمجلس الجامعة في 4/10/2014، تقدّم الأستاذ في معهد العلوم الاجتماعية عبد الغني عماد بشكوى لدى مجلس شورى الدولة يدّعي فيها أن تعيين عميد المعهد يوسف كفروني جاء مخالفاً للقانون والأصول المرعية الإجراء، مطالباً بإبطال مرسوم التعيين جزئياً.

بعد جولات من الأخذ والرد بين المدعى عليهما (الدولة والجامعة) والمستدعي (عبد الغني عماد)، صدر في الشهر الأخير من العام الماضي تقرير المستشار المقرر لدى شورى الدولة القاضي أنطوان ناشف، وهو التقرير الذي يسبق عادة القرار النهائي. بحسب هذا التقرير، يلفت المستدعي الى جملة من المخالفات، منها: مخالفة التعميم رقم 1/2012 الصادر عن رئيس الجامعة عدنان السيد حسين المتعلق بأصول اقتراح أسماء أساتذة تمهيداً لاختيار عمداء الوحدات، عبر خرق المادة الثالثة منه التي تنص على أن «من المفضل أن لا يكون المرشح قد تجاوز سن الـ 61 بتاريخ إجراء الاختيار من قبل مجلس الوحدة…»، ويأتي هذا التعميم منسجماً مع الشرط القانوني المحدد في اجتهاد هيئة التشريع والاستشارات، الذي ينص على عدم جواز تعيين شخص في منصب عام ما لم يكن بإمكانه إكمال نصف الولاية. يشير التقرير الى أن الوقائع المادية أثبتت أن كفروني لم يكن اسمه مقترحاً من قبل رئيس الجامعة في الأساس، ما يعني أن هناك مخالفة لقانون الجامعة أيضاً، إضافة الى أن السيد حسين طلب من وزير التربية سحب اسم كفروني، إلا أن الأخير لم يستجب لطلب رئاسة الجامعة، لذلك اقترح الناشف أن يتم قبول المراجعة شكلاً وأساساً وإبطال مرسوم تعيين العمداء جزئياً.
صدر تقرير المستشار في 10/12/2015، إلا أن القرار النهائي لم يصدر بعد رغم تقاعد العميد يوسف كفروني، فما هو مصير هذه الدعوى؟
تقول المحامية سوزان الهاشم إن لدى شورى الدولة خيارين قانونيين: الخيار الأول، تثبيت قرار المستشار المقرر، وإبطال المرسوم جزئياً، أن مفاعيل هكذا قرار ترتّب على الدولة والجامعة اللبنانية ربط نزاع مع كفروني لاسترداد الأموال والتعويضات التي تقاضاها بحكم منصبه، وهو أمر تنفيذه «صعب جداً» وفق الهاشم. الخيار الثاني، وهو الأقرب الى الحصول بعد تأخر شورى الدولة في إصدار حكمه الى ما بعد تقاعد كفروني، رد الدعوى شكلاً لعدم وجود موضوع لها، أي بسبب تقاعد كفروني.

قبول المراجعة شكلاً وأساساً وإبطال مرسوم تعيين العمداء جزئياً
ليست هذه المرة الأولى التي تُرفع شكوى ضد الجامعة في ما خص مخالفة القوانين والأصول الإدارية والأكاديمية، لكن اللافت في تقرير المستشار الأخير هو التبرير الذي تستخدمه الجامعة للدفاع عن نفسها، إذ يشير وكيلها القانوني جوزيف نصر في ردّه على الاستدعاء الى أنه «ليس هناك في قوانين الجامعة اللبنانية أي نص يوجب تعيين من له الأقدمية أو أعلى درجة أو كفاءة أو إنتاج علمي».
في رد الجامعة دلالات واضحة على اعتماد إدارة الجامعة للاستنسابية المطلقة في التعامل مع ملفاتها الأكاديمية والإدارية. فهذا الرد الذي صاغه نصر، سبق أن رد بمثله في الشكوى المقدمة من قبل الأساتذة المستحقين المستثنين من التفرغ في الجامعة لإبطال المرسوم نفسه. إذ أشار نصر الى أنه «يبقى للجامعة في جميع الأحوال سلطة استنسابية في إجراء التعاقد للتدريس مع من تشاء ضمن الشروط التي يحددها القانون».
هذه التبريرات تتناقض مع البيانات والمواقف الصادرة عن رئيس الجامعة حول التزامها المعايير الأكاديمية والقانونية، وتنسف مثلاً سلة المعايير التي وضعتها رئاسة الجامعة نفسها لاختيار الأساتذة المرشحين للتفرغ، ما يطرح تساؤلاً حول الجدوى الفعلية من تشكيل لجان تقوم بتقييم الأساتذة الوافدين الى الجامعة، إن كان بهدف التعاقد معهم أو اللجان التي تدرس طلبات تفرغ الأساتذة.
في تقرير سابق نشرته «الأخبار» (http://al-akhbar.com/node/211315) ظهر أن 3 عمداء على الأقل تشوب ملفاتهم بعض الخروق للقانون 66، الذي ينظم آلية ترشيح الأساتذة لعمادات الكليات، وهم: رفيق يونس (كلية الهندسة)، كميل حبيب (كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية) محمد حسني الحاج (معهد الفنون الجميلة). هؤلاء الثلاثة سبق أن قضوا أكثر من 4 سنوات في منصبهم كعمداء، بخلاف القانون 66، ومادته السابعة التي تنص على أن «يعين العميد لمدة أربع سنوات غير قابلة للتجديد إلا بعد انقضاء ولاية كاملة...»، تذرّع حينها وزير التربية ورئيس الجامعة، اللذان مثّلا معا مجلس الجامعة قبل تشكيله، أنهم عمداء مكلفون لا أصيلون، علماً بأن رئيس الجامعة عدنان السيد حسين يعتبر أن العميد المكلف يمارس مهمات العميد الأصيل نفسها، وقد حاول السيد حسين في السابق إنشاء مجلس الجامعة من العمداء المكلّفين.
المخالفة القانونية التي أشار إليها تقرير المستشار، المتمثلة بعدم قدرة كفروني على إكمال نصف ولايته على الأقل، تنسحب على عميدين أصيلين آخرين: عميد كلية الآداب نبيل الخطيب وعميد المعهد العالي للدكتوراه طلال عتريسي، اللذان خرجا الى التقاعد قبل إكمال نصف الولاية. الاستنسابية لا تقف عند هذا الحد، فقد ألغى رئيس الجامعة ترشيح إيلان دمعة في معهد العلوم الاجتماعية مستنداً الى مخالفتها لشرط السن المنصوص عليه في التعميم 1/2012، ويعتبر في رده على كتاب اعتراض دمعة أن التعميم «قد وُضع تمنيا له صيغة الإلزام». وفي كلية الآداب، تجاهل السيد حسين شرط السن، وقبل 3 ترشيحات تخالف هذا التعميم هم: ترشيح العميد المكلف محمد أبو علي (مواليد 8/11/1953)، يوسف عيد (مواليد 10/10/1954) وعاطف عواد (مواليد 30/1/1955). يذكر أن وكيل الجامعة القانوني لفت في رده في الشكوى المرفوعة في قضية تعيين كفروني، إلى أن هذا التعميم «لم يأت على سبيل الإلزام، بل على سبيل التمني».
نتج من دعوة رئيس الجامعة العميدين المكلفين لحضور اجتماعات مجلس الجامعة اعتراض أعضاء داخل المجلس، على اعتبار أن المجلس يتألف من عمداء أصيلين لا مكلفين. وقد طُلب من الرئيس أن يطلب استشارة قانونية من الجهات القضائية ليحصل على غطاء قانوني يسمح بحضورهما الاجتماعات المقبلة، إلا أنه تجاهل هذا الطلب.
مدير مكتب العلاقات العامة في الإدارة المركزية، غازي مراد، ينقل عن رئيس الجامعة طلبه «عدم لوم الجامعة في مسألة تعيين العمداء، فبسبب وضع البلد الحكومي ليس بالضرورة أن يؤخذ برأي الجامعة».

لبنان ACGEN الأخبار تربية وتعليم