مدارس في عكار وطرابلس «للائتلاف السوري» والدولة غائبة!

Saturday, 9 January 2016 - 12:00am
يستغرب المتابعون للشأن التربوي في عكار الفوضى الحاصلة في المحافظة، إذ ثمة من يضرب بعرض الحائط القرارات الصادرة عن وزارة التربية الضابطة لتعليم الطلاب السوريين ومنع المتاجرة بهم من قبل عدد من المدارس الخاصة والجمعيات التي تبتغي الربح وتقوم بأعمال التعليم من دون امتلاكها لأي ترخيص بذلك.
وكان وزير التربية الياس بو صعب اصدر قرارا يقضي بالتحاق الطلاب السوريين بالمدارس الرسمية في الدوام الصباحي ضمن القدرة الاستيعابية والا في الدوام المسائي التي خصصت لتعليمهم، واغلاق المدارس الخاصة غير المرخصة وتدور حولها الكثير من الشبهات.
يبدو واضحا أن هذا الملف كغيره من الملفات الحساسة في المحافظة التي تصدر فيها قرارات من دون ان يتم التمكن من تطبيقها، وهذا أمر يترك حالة من الاحباط لدى المواطنين.
هذا الواقع يطرح سلسلة تساؤلات مشروعة عمّا يجري؟ وأين أصبح قرار الوزير؟ والى أين وصلت خطوات محافظ عكار عماد لبكي الذي طلب إحصاء المدارس غير المرخصة تمهيدا لاغلاقها؟ ولماذا لم تبادر القوى الأمنية للقيام بعملها وتطبيق القرارات؟ والأهم هل تم فعلا إحصاء كل المدارس غير المرخصة أم أن منها ما لم يتم ذكره إطلاقا؟.
وعلمت «السفير» أنه جرى إقفال عدد من المدارس غير المرخصة في حين عمدت أخرى لتسوية أوضاعها، إلا أن المشكلة عادت إلى الواجهة مع انطلاق العام الدراسي 2015 ـ 2016، ومع الحديث عن وجود مدارس خاصة تقوم بتدريس الطلاب السوريين وفق المنهج السوري وتصدر إفادات بإسم «حكومة الائتلاف الوطني السوري»، والأخطر من ذلك وجود مدارس في منطقة وادي خالد تعود للائتلاف الوطني؟ فأي فكر يتم تلقينه لهؤلاء الطلاب؟ وأين رقابة الدولة اللبنانية بخصوص ما يجري ضمن أراضيها؟
حال الفوضى القائمة في وادي خالد تظهر في شكل جلي، اذ على الرغم من اعتماد خمس مدارس رسمية لتعليم الطلاب السوريين مجانا خلال الدوام المسائي موزعة على: المجدل، رجم حسين، العماير، الرامة، الهيشة، والبقيعة الا أن وجود هذه المدارس لم يحل دون قيام مدرستين للائتلاف السوري في بلدتيّ الكنيسة والعماير يديرهما مشايخ سوريين.
وتشير مصادر مطلعة على هذا الملف في وادي خالد الى أن النازحين السوريين يجدون في هذه المدارس فرصة لتعليم أبنائهم من دون كلفة مادية، خصوصا أن العديد منهم لا يملكون كلفة نقل أولادهم الى المدارس الرسمية، مستفيدين من وجود إحدى المدارس في منطقة الوعر والتي تضم بلدات: حنيدر كنيسة العامرية، وهي بلدات معروفة بكثافة النازحين السوريين فيها، كما أن هذه المدارس تقدم حصصا غذائية للطلاب.
ويلفت أحد وجهاء وادي خالد الانتباه إلى «أن الأمور سائبة في المنطقة والدولة لا تتذكر أننا مواطنون لبنانيون سوى عندما تريد إلقاء القبض على أحد المطلوبين وإلصاق صفة الارهارب بنا، أما لماذا وجدت هذه المجموعات؟ وكيف؟ ومن يغذيها؟ فهذا لا تكترث له على الاطلاق».
ويضيف «إن الأمور لن تصطلح ما دامت دولتنا تقوم بمعالجة النتائج من دون الالتفات الى الأسباب».
وتتحدث مديرة «وحدة ادارة ومتابعة تنفيذ برنامج التعليم الشامل» سونيا خوري عن «اننا نتخوف على مصير التلاميذ الذين يلتحقون بمراكز غير مرخصة وبالتالي غير خاضعة للمراقبة».
وإذ تؤكد خوري الحرص على تأمين التعليم للطلاب السوريين «ولذلك يتم استقبال 65 الف تلميذ سوري قبل الظهر وتخصيص 240 مدرسة رسمية لاستقبال النازحين في دوام بعد الظهر»، تعرب عن الاستعداد لفتح المزيد من المدارس بحال كانت هناك حاجة، «لأننا حريصون على تأمين التعليم المجاني والنوعية الجيدة، ولهذه الغاية نتواصل مع المنظمات المانحة لتأمين تعليم الأولاد ونقلهم. كما نقوم بحملات توعية عبر مدراء المدارس للتوعية على ما يجري ومنع المتاجرة بالطلاب السوريين».
في غضون ذلك، تشير مصادر تربوية إلى «ان الوزارة مستاءة جدا مما يجري وهي طلبت اكثر من مرة القيام بالخطوات اللازمة ولكنها لا تملك القدرة لتنفيذ القرار الذي يعود موضوع تطبيقه الى وزارة الداخلية والمحافظين والقوى الأمنية التي لا تقوم بواجباتها». وتوضح ان «ما يجري يعد كارثة بالنسبة لمئات الطلاب السوريين إذ إن أي جهة رسمية لا تعترف بإفادات الائتلاف السوري».
الواقع نفسه ينسحب على مدينة طرابلس، حيث علمت «السفير» بوجود مراكز مخصصة لتعليم الطلاب السوريين، ويخوض الطلاب مع انتهاء العام الدراسي امتحانات الشهادة الثانوية العامة السورية في ثانويتين خاصتين في منطقة أبي سمرا.
وتفيد مصادر الهيئة التعليمية السورية في الشمال أن «إجراء الامتحانات أتى بناء على تكليف من الهيئة التربوية التابعة للائتلاف السوري المعارض»، وبالتالي فان «أسئلة الامتحانات تضعها لجنة متخصصة كلفها الائتلاف بذلك، ويتكفل الائتلاف بإعطاء الشهادات للطلاب الناجحين.
لكن ماذا عن الاعتراف بهذه الشهادات وإمكان أن تتيح لحامليها الدخول إلى الجامعات ومتابعة دراساتهم العليا؟ فالجواب بالنسبة إلى وزارة التربية اللبنانية واضح: «لا بديل عن المنهج اللبناني وما يجري هو اعتداء على سيادة الدولة اللبنانية وعلى وزارة الداخلية والمحافظين التحرك لتطبيق القرارات».

لبنان ACGEN السغير تربية وتعليم