فضلو خوري يرسم للجامعة الأميركية تحدياً أبعد من التعليم

Tuesday, 1 December 2015 - 12:00am
قبل أن يتمم أيامه المئة الأولى في رئاسة الجامعة الأميركية في بيروت، شرع الدكتور فضلو خوري في عملية تغيير صارت ضرورية في هذه المؤسسة العريقة. تحتاج ليس فقط الى التطوير الذي لم يتوقف بين الحين والآخر منذ تأسيسها قبل زهاء ١٥٠ عاماً، بل أيضاً الى مواكبة التحولات العميقة التي يشهدها لبنان والشرق الأوسط. وضع نفسه أمام تحديين: يتعلق الأول بالمحافظة على الموقع الريادي في الوظيفة التعليمية البديهية للجامعة، ويرتبط الثاني بتحسين قدراتها كمؤسسة بحثية. يكرّس مهمته إذاً لقيادة التغيير المنشود نحو الأفضل في أوساط أجيال هذه الجامعة لبنانياً وعربياً.
على هامش اجتماعات لمجلس الأمناء في نيويورك، كانت للرئيس الجديد أخيراً فرصة لتقديم هذه الأفكار المتقدمة أمام مجموعة منتخبة من المتخرجين والأكاديميين الكبار وشخصيات في مجال الأعمال، خلال أمسية خاصة نظمها رجل الأعمال وائل شهاب وقرينته لينا جازي شهاب بمساهمة من رئيس المجلس الدولي الإستشاري للجامعة الدكتور ريتشارد دبس وراي وكارمن دبانة وماهر ميقاتي ورعاية من مارغيلد وألكسندر أركلينتز ورياض كمال ودعم من وديع جريديني وأديب وغلوريا قسيس وحسام عليان. وكذلك حضر رئيس مجلس الأمناء فيليب خوري وكيل الشؤون الأكاديمية الدكتور محمد حراجلي وعميد كلية الطب محمد صايغ ورئيس جامعة "النيو سكول" في نيويورك الدكتور ديفيد زاندت وعميدة كلية الهندسة والعلوم الكومبيوترية لدى معهد نيويورك للتكنولوجيا الدكتورة ندى عنيد وأستاذ الفيزياء التطبيقية ومدير برنامج الهندسة الفيزيائية والرئيس الحالي لمختبر الدفع بالبلازما لدى جامعة برنستون الدكتور أدغار شويري ومدير معهد الدراسات المعاصرة حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى في جامعة برنستون برنارد هيكل ورئيس معهد السياسات الدولية الأميركي جوزف كاري ورئيس مجلس الأعمال للتفاهم الدولي بيتر تيتشانسكي والقنصل اللبناني العام في نيويورك مجدي رمضان.
بعد تعريف وتقديم من وائل شهاب، استهل الرئيس السادس عشر للجامعة كلمته بالإشارة الى ضحايا الإرهاب في لبنان والدول العربية وعبر العالم، معتبراً أنه "ينبغي لنا ألا ندع موتهم يذهب سدى". وإذ ذكر بتأثير الجامعة خلال السنوات الـ١٥٠ الماضية، سأل عن "تأثير أكبر ينبغي أن نسعى اليه في المستقبل"، في منطقة يشكل الشباب فيها غالبية السكان وتعاني فرصاً إقتصادية محدودة. ولاحظ أن الناس في لبنان يحاولون أن يكونوا إما أطباء أو مهندسين أو رجال أعمال، وهذه فرص غير متوافرة للجميع، قائلاً: "نحن لا نزال رواد التفكير الليبيرالي في الفنون والعديد من الأفكار التقدمية عبر الشرق الأوسط. ولكن إذا نظرنا الى تأثيرنا في المجتمع، يحتاج الى يكون أكبر". "البديل ليس خياراً" بالنسبة الى جامعة ينزلق الشباب في محيطها الى "اليأس والظلامية"، موضحاً أن العالم العربي "يمر بمرحلة تغيير استثنائية" تمثل "فرصة" كي "تكون فاعليتنا أكبر وأن نكون ترياق هذه المرحلة الظلامية".
وقال إن الجامعة الأميركية "تساهم في حقيقة أن لدينا حرية تعبير مهمة للغاية" وفرت لها "دوراً (كبيراً) غير متناسب (وحجمها الصغير نسبياً) في الفكر والثقافة والعلوم والطب" خلال مرحلة النهضة العربية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. لذلك "لا ينبغي تقليل شأن فرصتنا للتغيير في الشرق الأوسط"، معتبراً أن "الإرهاب هو الإحباط والإفتقار الى الثروة وغياب الفرص التعليمية". وأكد أنه "يمكننا إصلاح الأمر، بل ينبغي أن نصلحه". وتعهد أن "نلعب دوراً ريادياً في البحث وفي التفكير المستقل (وفي) الشفافية ومكافحة الفساد". غير أن "الأهم أن نسأل ماذا يحصل أبناؤنا من التعليم أبعد من المعرفة وأبعد من الخبرة. نريد لهم أن يحصلوا على الثقة والقدرة على تغيير أوساطهم"، لأنه "ينبغي لنا أن نكون قدوة التغيير في لبنان وفي العالم العربي". واقترح أن تكون الجامعة الأميركية في بيروت "اللبنة الأولى في خطة مارشال لبنانية" تعليمية يمكن أن تتسع لتكون "عربية مركزة بالتحديد لإعادة بناء الشرق الأوسط".
ورداً على سؤال عن إعادة فتح ملاك الجامعة للتفرغ بعد ٣٠ سنة من إغلاقه، قال خوري إن الجامعة تحتاج الى ذلك "من منظور تنافسي" يرتبط بـ"تعزيز الأمان وتوظيف الأفضل والمحافظة عليه"، مشيراً الى أن الجامعة "خسرت" كفايات عالية لمصلحة مؤسسات أضعف بسبب عدم وجود الملاك. وأوضح أنه ينبغي التفكير بالملاك "ليس باعتباره عقداً مدى الحياة، بل كعقد للتفكير الحر له تأثير أكبر" وخصوصاً في البحث.
وسئل عن احتمال تمكن "الدولة الإسلامية" (داعش) من تجنيد طلاب في الجامعة، فأجاب أنه لا يخشى ذلك لأن الحرم يقدر التنوع الديني، وهو يشكل مساحة ضد توجه كهذا، فضلاً عن حرية التعبير والإنتخابات والمساواة التي تحول دون ذلك.
وكشف أنه يسعى الى تأسيس مركز متخصص بالنزاعات وجذورها وحلها في بيئتها الطبيعية، ومركز آخر للإبتكار والريادة في الأعمال. وأكد أنه يريد زيادة التمويل للأبحاث لا من الأقساط بل من رؤووس أموال أخرى وممولين خارجيين يمكن أن يكون بعضهم بالتأكيد من المتخرجين الميسورين عبر العالم.

لبنان ACGEN النهار تربية وتعليم