فلسطينيو سوريا: ضحايا سماسرة الهجرة

Monday, 30 March 2015 - 12:00am
تعيش عشرات العائلات الفلسطينية النازحة من المخيمات السورية إلى البقاع، هاجس الخوف على مصير أبنائها، الذين يتوهون وسط تلاطم الأمواج، في البحار والمحيطات، فيموتون غرقاً مجموعات وفرادى، ضحايا سماسرة الهجرات غير الشرعية. يدفعهم إلى ذلك انسداد أفق المستقبل في وجوههم، حيث يدرك الكثيرون منهم أن الحروب العبثية في سوريا طويلة، والعودة إلى المخيمات المدمَّرة مستحيلة، والبقاء في لبنان يتطلب ضمانات أوسع ومخططات أكثر فعالية من قبل «الأونروا» المعنية بتأمين مقومات الحياة الكريمة، المتمثلة بالإيواء اللائق، والغذاء الكافي، والاستشفاء الكامل.
هذا الانسداد دفع بمئات العائلات الفلسطينية، التي استقرت في منطقة البقاع عند بداية اللجوء، إلى المخاطرة ومحاولة الهجرة بطرق التفافية غير شرعية، لتأمين ملاذات آمنة في الدول الأوروبية والاسكندينافية، لكن إذا كانت بعض المحاولات نجحت في تحقيق الأهداف والغايات، فإن محاولات أخرى وقعت في فخ الخداع والسمسرة، فمنهم من تقطعت به الأوصال وقضى نحبه على خشبة مهترئة، وتحوّل إلى وليمة دسمة للأسماك، ومنهم من تكبد الخسائر المادية بآلاف الدولارات، ليجد نفسه تائهاً في ظروف مأسوية متجددة.
وقد لامس عدد العائلات الفلسطينية، التي نزحت من المخيمات السورية ودخلت إلى لبنان، بفعل القتل المتشظي بطول البلاد وعرضها، إلى حدود 11 ألف عائلة، أي كمعدل وسطي قد يفوق 55 ألف نسمة، وفق إحصاءات شبه دقيقة للجان الشعبية الفلسطينية، والمركز الثقافي الفلسطيني، وهذا العدد يتطابق إلى حدود كبيرة مع سجلات مؤسسة «الأونروا» ومنظمات المجتمع المدني.
طرق الهجرة غير الشرعية تبدّلت وتغيّرت تبعاً لانكشافها من قبل السلطات المنتهكة أراضيها، وأبرز تلك الطرق مصر أو ليبيا إلى إيطاليا، أو من تركيا الى اليونان، ومؤخراً السودان. واللافت وفق مصادر فلسطينية متابعة الملف، أن بعض السماسرة كانوا يتركون المهاجرين يواجهون قدرهم المميت، في مناطق محفوفة بالمخاطر، عند حدود الدول، من دون أي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية.
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية عبدالله كامل أكد أن ما يزيد على 400 فلسطيني موثقة أسماؤهم، معظمهم من عنصر الشباب، قضوا نحبهم ضحايا السمسرات، على خشبات مهترئة وعبّارات متآكلة، وسط البحار والمحيطات، بينما العدد الحقيقي يتجاوز الألف، كان همهم الأساس تأمين ملاذات آمنة في دول اوروبية واسكندينافية، نتيجة ضعف أو انعدام تقديمات «الأونروا» للنازحين الفلسطينيين، وغياب الهيئات الدولية والوطنية المانحة، عن تقديم الحد الأدنى من مستلزمات العيش اللائق.
ولفت كامل إلى أن الوضع المأسوي، الذي يعيشه الفلسطينيون في لبنان، يدفعهم إلى الهروب والهجرة، حتى لو لم تتجاوز نسبة النجاح في تحقيق الأهداف 5 في المئة، مؤكداً أن إحصاءات شبه دقيقة سجلت هجرة حوالي عشرين ألف فلسطيني، من النازحين إلى لبنان، ومن المخيمات السورية، بعد انفلات الوضع الأمني في مخيم اليرموك ومقتل وجرح آلاف المدنيين، وموت الكثيرين جوعاً.
ولفت محمد وهو شاب فلسطيني نزح من مخيم اليرموك، إلى البقاع في لبنان، إلى أن عائلته تقطعت أوصالها، فوالده ووالدته ومعهما بعض الإخوة وصلوا إلى المانيا بطريق الهجرة غير الشرعية، وبعض أفراد العائلة استقر في تركيا فيما هو في لبنان يندب حظه العاثر، في كيفية الالتحاق بعائلته، بعد ازدياد كوارث موت المهاجرين، مؤكداً أن نسبة الناجين من القوارب المطاطية المحملة بالهاربين الفلسطينيين، لا تتعدى أربعة قوارب من أصل عشرة، لافتاً إلى أن 60- 70 في المئة من القوارب المستخدمة هي قوارب غير صالحة، في حين أن حالات النصب والاحتيال والحجوزات الوهمية للفلسطينيين تفوق 80 في المئة.
وحمل محمد المسؤولية لـ «الأونروا» المعنية الأولى بملف النزوح الفلسطيني، وكذلك للمرجعية الرسمية الفلسطينية والمجتمع الأهلي وإلى الدولة، نتيجة عدم تنظيم شؤون النازحين، وتركهم يواجهون قدر الموت .
وشدد كامل على ضرورة وضع استراتيجية وخطة وطنية فلسطينية، لمتابعة ملف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، إلى جانب متابعة ملف الآلاف من العائلات الفلسطينية العالقة على حدود الدول العربية والأوروبية، بعدما تقطعت بهم السبل، وازدادت معاناتهم، ودمّر مستقبلهم بعدما وقعوا في فخ الخدع، التي نصبها لهم السماسرة والمحتالون النصابون.

لبنان ACGEN السغير حقوق الفلسطينيين