خصخصة المرافق العامة في لبنان دليل فشل الدولة والطبقة الحاكمة

02_15_57.jpg

تحت شعار الاصلاح وانقاذ الاقتصاد اللبناني، تسلك الخصخصة طريقها في لبنان ببطء، لكن بدون معوقات، وبمباركة من صندوق النقد والبنك الدوليين، وفي ظل تخبط السياسات والممارسات الحكومية السابقة وعجز النظام الطائفي عن معالجة المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعليه ينكب رجال السياسة على وضع اقتراحات لحلول قصيرة الامد وغير فعالة للمشكلات الحياتية للمواطنين/ات، تتضمن في صلبها دفع عملية الخصخصة، متسلحين في ذلك بتوصيات المؤسسات الدولية التي دأبت بالمطالبة باعتمادها كحل سحري لكافة مشكلات لبنان المتراكمة، من النفايات الى الكهرباء وغيرها.
في نظرة سريعة الى مسلسل الازمات الحياتية التي تعصف بالبلاد خلال الاشهر الماضية، قد يتراءى للمرء ان تلك المشكلات حلت دفعة واحدة، بينما هي فعلا نتاج للسياسات والممارسات القاصرة، كما سنبين بشكل موجز مركزين على المثلين التاليين:
● في ملف النفايات: انفجرت ازمة النفايات، واستفحلت مع حلول موعد اقفال مطمر الناعمة، وانتهاء العقد المبرم مع شركة سوكلين الخاصة، التي اسند اليها، مسؤولية جمع النفايات، ضمن بيروت و225 بلدة وقرية في محافظة جبل لبنان. وقد وصل هذا الملف الى الحائط المسدود في غياب خطة وطنية لمعالجة النفايات، ووسط المقاومة الشعبية للممارسات الحالية والتجاذب السياسي حول المسألة.
● في ملف الكهرباء: من المعلوم ان مؤسسة كهرباء لبنان في عجز دائم، بلغ بحسب موازنة مؤسسة كهرباء لبنان لعام 2015، ملياري دولار سنوياً. وفيما فشلت كل المحاولات لمعالجة الوضع، اتسمت المقاربة الرسمية السابقة بترك الازمة لتتفاقم، وباطلاق العنان للمولدات الكهربائية الخاصة لاستغلال الناس. مؤخراً، اقدمت الدولة على اعتماد سياسة خصخصة انتاج توليد الكهرباء، فكانت اول تجربة في زحلة، بينما تتحضر جبيل لخوض تجربة مماثلة.
مسار الخصخصة بدأ منذ التسعينات، وطال عدة حقول منها: خصخصة اعادة اعمار وسط بيروت من خلال تلزيمها لشركة سوليدير الخاصة، رفع النفايات في بيروت الكبرى من خلال شركة سوكلين، خصخصة خدمات البريد لصالح شركة "ليبان بوست"، خصخصة الخليوي لشركتين خاصتين، وجديد ذلك خصخصة تنمية مدينة طرابلس من خلال انشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة، اخيراً وليس آخراً مشروع خصخصة رفع النفايات الذي هو حالياً قيد التنفيذ.
في الختام، يلاحظ ان المطالبة بخصخصة المرافق العامة، لا تستهدف فقط تلك الحقول الجديدة والواعدة، او المتعثرة، بل بلغت ايضاً مطار بيروت الدولي الذي لا يواجه اي مشكلة، اذ دعا مؤخراً رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، لخصخصته، وذلك استكمالاً لمسار مرشح للاستمرار ليصيب المزيد من المرافق العامة.