تساؤلات اساسية حول مقاصد انشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس

tripoli.jpg

بالترافق مع انطلاقة المشروع، تزايد مؤخراً الحديث عن مزايا المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، المفترض ان تكون مدخلاً لمعالجة مشاكل طرابلس الاقتصادية ولانقاذ ابناء المنطقة من براثن الفقر، وذلك بخلاف التكتم الذي رافق اقرار المشروع. ويبدو ان الغيرة اصابت نفوس المسؤولين في مناطق اخرى، فهرعوا للمطالبة بانشاء "محميات اقتصادية" مماثلة في مناطقهم. لكن نظراً لاهمية المشروع، وجب تسليط الضوء على بعض اشكالياته الرئيسية بهدف اطلاع المواطن/ة على خطورته.
تعريفاً، المنطقة الاقتصادية الخاصة هي رقعة ارض مخصَّصة لاجتذاب المؤسسات الخاصة، بهدف انشاء مشاريع انتاجية او خدماتية تتوخى التصدير. تتميز تلك المناطق عامة، باعفاءات وحوافز ضريبية وخدماتية وباستثنائها من تطبيق الكثير من القوانين المرعية التي ترتبط بالاستثمار والعمل.
انشئت المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس في 2008، بموجب قانون أصدره مجلس النواب، وفي ايار 2015، عين مجلس الوزراء، اعضاء مجلس إدارتها، مكلفاً الوزيرة السابقة، ريّا الحسن، رئاسة المجلس.
طبعاً لا يتسع المجال في هذه العجالة لتقديم مراجعة نقدية وافية للقانون الاساسي للمنطقة، لذا، نحيل القارىء/ة العزيز/ة الى مقال للوزير السابق شربل نحاس، نشر بمناسبة عيد العمال تحت عنوان: "في الاول من ايار هدية المناطق الاقتصادية الحرة" http://www.al-akhbar.com/node/231932، والذي اثار فيه جملة من الاستنتاجات الاشكالية نلخصها بالتالي:
- الهيئة العامة لادارة المنطقة، تشكل سلطة رديفة للدولة (مثل شركة سوليدير) متفلتة من احكام النظام العام للمؤسسات العامة
-الى جانب الهيئة، لحظ القانون جسماً غريباً اسمه "المشغل"، ينتمي الى القطاع الخاص، ويتولى مسؤولية تشغيل واستثمار المشروع
- يوفر القانون للجهات المستثمرة اشكال مختلفة من الاعفاءات السخية جداً وذلك على حساب مداخيل الدولة
-تخضع علاقات العمل بين الأجراء/ات والمؤسسات العاملة في المنطقة للاتفاقات التعاقدية الناشئة بين الفرقاء وليس لقانون العمل اللبناني
-يُستثنى المستخدمون/ات والأجراء/ات من أحكام الضمان الاجتماعي ويشجع على تشغيل اليد العاملة الاجنبية
وعلى الرغم من كل تلك المسائل الخطيرة، التي لم تناقش بالشكل المطلوب، يبدو ان الشغل ماشي باتجاه تحويل المشروع الى حقيقة. وتتغنى الحسن بمزاياه مؤكدة انه سيساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية في الشمال، وتوفير المئات من فرص العمل للشباب/ات، لكن دون توفير اي دليل مقنع حول حظوظ نجاحه، او تسليط الضوء على الجهات التي ستستفيد منه فعلاً. وفي سياق الترويج له يكرر المسؤولون الداعمون للمشروع مقولة ان المنطقة الخاصة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي، والتي تقع على مساحة 55 الف متر مربع في البحر قرب مرفأ طرابلس، ستساهم بلا شك في اعادة اعمار سوريا حين تضع الحرب أوزارها.
التهليل للمشروع، دفع المسؤولين في البترون ايضاً للمطالبة بمنطقة خاصة لها، حيث وافقت الحكومة في نيسان الماضي على اقتراح قانون يصب في ذلك الاتجاه، وعلى الرغم من اعتراضات برزت بين اوساط الاهالي، كما لا يستبعد ان تنتقل العدوى الى مناطق لبنانية اخرى في وقت كانت الفكرة اصلا قد فصلت كوسيلة لتنمية طرابلس اقتصادياً.
على الرغم من ان شكوكاً كثيرة لا تزال تحيط بالمشروع وبالجهات التي قد تستفيد منه، الا انه منذ بدايته بدأ ينزلق الى الاوحال الطائفية، علما ان تشكيل مجلس ادارته خضع لقاعدة التقاسم الطائفي، وهو يشكل دليلاً صارخاً جديداً لغياب الرؤى الاقتصادية الوطنية الشاملة ولاستمرار نهج تعميم تجربة سوليدير ولحظ الاعتبارات المناطقية والطائفية مكان مصلحة المواطن/ة والبلد.