البحث العلمي محور مؤتمر معهد الدكتوراه ومقاربات متخصصة نقص في البحوث الجامعية ودعوة لتشكيل بيئة حاضنة

البحث العلمي والاتجاهات المعاصرة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، موضوع مؤتمر عقده المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في فندق "بادوفا" في سن الفيل، اختتم امس بعدد من المداخلات.

الباحث الطالب والطالب الباحث ثنائية متلازمة شددت عليها جلسات المؤتمر التي حضرها عدد لا بأس به من الطلاب والدكاترة على السواء. وقد رحّب كثير من الطلاب بموضوع المؤتمر الذي يحظى باهتمام المتابع لدراساته العليا والدكتوراه، قائلين إن موضوعاً كهذا يجيب عن أسئلة كثيرة تطرح نفسها في مسارهم العلمي. والمؤتمر لم يقصر اهتمامه بالطلاب لناحية التوجه إليهم فحسب، إنما أشركهم في العديد من الجلسات والمداخلات. كما يسجَّل للمؤتمر تنوّع المداخلات والمداخلين: مختلف التخصصات من جامعات خاصة، إلى أساتذة من جامعات أوروبا والصين والعالم العربي.
ولأن "الجامعة الحقّة لا يمكن أن تتوقف عند حدود نقل المعرفة وتدريس مبادئها وموضوعاتها للطلاب، بل إنها تستوعب هذه المهمات وأمثالها لتكون مختبر بحث علمي"، كما قال عميد المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية الدكتور ابرهيم محسن، كان اهتمام المعهد بعقد هذا المؤتمر وصولاً إلى التوصيات التي يرمي المعهد إلى تطبيقها. والبحث "لم يعد اليوم مجرّد حبيس ورق واجتهادات تنظيرية في قاعات مقفلة أو مكاتب منعزلة عن إيقاع الحياة... بقدر ما صار ابناً لتقنيات معرفية متجدّدة ومتطوّرة ونتيجة لجهود معرفية حقلية.
نقص في البحوث
النقص في البحوث على مستوى العالم العربي كله لا لبنان فحسب، خلاصة انتهت إليها الدكتورة فاديا حطيط التي اعتمدت على شبكة معلومات تربوية هي "شمعة" التي تصدرها الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية. "لا بحوث عندنا... الأستاذ لا يُنتج كثيراً"، قالت حطيط التي لاحظت إلى جانب ذلك، "نوعاً من تنميط للنظرة أو المنظور الذي يعمل فيه الطلاب. وأقصد بالتنميط وجود شكل محدّد أو قوالب جاهزة للبحث يتّبعها الطالب في كتابته. وهنا عدوى انتقال هذه الأنماط من طالب إلى آخر، ليقلّدوا بعضهم بعضاً في النهاية. كما ثمة تحايل أحياناً على الموضوعات، لا يلجونها مباشرة، بل مستندين إلى آراء الغير. فلا يشعر الأستاذ بأن لدى الطالب قلقاً حيال موضوع معيّن. كأن الدكتوراه غدت صفّاً يحضره لينجح. لا يتصرّف الطالب إذاً، باعتباره باحثاً ناشئاً وعليه أن يساهم في المعرفة، مع أن هذا هدف الأطروحات".
أما المصادر التي توفّرها "شمعة" فمعظمها باللغة العربية، وفق حطيط التي رأت في ضعف اللغات الأجنبية في ميدان البحث التربوي في العالم العربي "وجهاً إيجابياً يجعل المعارف تتجذّر، ووجهاً سلبياً يعبّر عن تقوقع وعدم تواصل مع الآخر". وختمت بتمني الرعاية الجامعية للباحثين الجدد عبر تشكيل بيئة بحثية حاضنة لهم، وهذا "دور المعهد العالي للدكتوراه، الأساس أن يوفّر هذه البيئة". عن فلسفة التربية توقّف الأستاذ في جامعة ليون الثانية آلان كيرلان الذي أنشأ مع نخبة من الأساتذة "المجتمع الفرنكوفوني لفلسفة التربية"، واضعين نصب أعينهم الواقع التربوي. ودعا إلى "التثقّف قبل التفكير، وعدم السماح للكلمات بأن تفكّر مكاننا". المسألة، بحسب كيرلان، هي "تفكير التربية كمسألة فلسفية". وذكر أنه طرح سؤالاً على عدد من الفنانين عن سبب انخراطهم في العملية التربوية، فأجابه أحدهم: "كي أزخرف محاضرتي التي ألقيها على طلابي، فأقدّمها إليهم طبقاً شهياً".
الاتجاهات البحثية المعاصرة في علوم الإعلام والاتصال عرضتها الدكتورة مي عبد الله التي قالت إن علوم الإعلام والاتصال علم جديد ومتشعّب الحقول. أما الدراسات العليا فيه فحديثة العهد. وعرضت المناهج المعتمدة.
"التحديات المعاصرة للبحث ولتكوين الصحافيين في فرنسا في ضوء الثورات العربية"، عنوان المداخلة التي قدّمها برتران كابودوش الذي رأى "قراءة موحّدة في الصحافة الغربية لكل الثورات العربية، فتحوّلت إلى قراءة مسبقة". وعن تفاعل وسائل الإعلام مع التكنولوجيا، لفت إلى أن صحيفة كـ"لوموند" انتقلت من ضفّة مقاومة التكنولوجيا إلى الترحيب بها واحتضانها.(النهار 3كانون الاول2011)