تقاذف التهم بين حرب وغصن والهبة قُبلت... لم تقبل

عاد ملف "التعاون" بين البنك الدولي والضمان الى الواجهة بعد الاجتماعات المكثفة التي يجريها وزير العمل بطرس حرب مع ممثلي البنك الدولي، والتي لم تفض بعد الى نتيجة ايجابية في ظل تعدد الروايات حول قبول الهبة من الضمان أو رفضها.

\في حين يؤكد حرب ان ادارة الضمان رفضت التعاون مع ممثلي البنك لصرف الهبة، يشير رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن "عراب" الرافضين، الى أن مجلس الادارة عاد وقَبل الهبة محددا الاولويات لصرفها، وهي وفق غصن تتمثل في شراء 17 مولداً و10 طابعات سريعة و200 حاسوب محمول، اضافة الى اكمال الربط الالكتروني بين الصندوق والمستشفيات، وتطوير نظام ادارة التقديمات خارج المستشفيات، واعادة هندسة نظام ادارة الاشتراكات وتحصيلها وتتبع آثارها، وحفظ ملفات ارشيف تعويضات نهاية الخدمة، وشراء 6 ماسحات ضوئية ("سكانر") وبرنامج مخصص للحفظ الالكتروني مع تجهيزاته وغيرها.
وافق حرب على هذه الاولويات وفق ما قال لـ"النهار"، لكن المفاجأة كانت في رفض الضمان التعاون مع البنك الدولي للتنفيذ، وهو ما ينفيه غصن، موضحا ان الرفض استهدف "اشتراط" الوزير تعيين قيّم على المشروع "لأن الضمان مؤسسة قائمة لديها انظمة للمناقصات واستدراج عروض وتلزيمات، وتاليا ليس ثمة ضرورة لدفع أموال للمحسوبيات".
وتأكيدا لقبول الهبة من مجلس الادارة، يقول غصن الى أن اللجنة الفنية أبدت موافقتها على المشاريع، "لكنها اشترطت تأليف لجنة اختصاصية أو لجان بقرار من مجلس الإدارة لتسلّم الدراسات والمشاريع، لأن تجربة مشاريع الهبة الأولى البالغة 700 ألف دولار لم تكن مشجعة وشفافة، لا من ناحية الجودة ولا القيمة".
ووفق مفهوم غصن، فان إجراء دراسات يعني "بابا للتلاعب بالارقام". فالـ700 الف دولار التي كان قدمها البنك الدولي للضمان في 2007 لم تترجم الا دراسة "غير علمية" عن التوازن المالي. وفي تبريره رفض مجلس الادارة هبة المليونين و225 الف دولار، قال "ان الرفض انطلق من اصرارنا على معرفة كيف صرفت هبة الـ700 الف دولار. لكن بعد جدل، تم التوافق على قبول الهبة على اساس تحديد فئتين: الاولى تدفع لحاجات الضمان، والثانية للخبراء لاجراء دراسات اذا تبقى من الهبة أموال".

هذه الأمور حصلت يقول غصن في عهد الوزير محمد فنيش، "لكن عندما تسلم الوزير حرب، أقنع رئيس الحكومة بتسليمه الهبة ليصرفها كما يحلو له. وترددت معلومات شبه مؤكدة أن حرب عيّن نحو 11 مستشارا بتمويل من الهبة".
هذه الواقعة لا ينفيها حرب. لكنه أكد ان الاموال لم تنفق على مستشاريه "بل انفق جزء منها (نحو 200 الف دولار) على فريق العمل الذي تعاقد معه حتى آذار 2012 للتنسيق بين الضمان والبنك الدولي حول تطبيق الاولويات التي حددها مجلس الادارة لتحديث الضمان". وإذ أكد عدم جواز اضاعة الهبة بسبب "تعنت" الضمان، اشار الى انه طلب من مسؤولي البنك الدولي امهاله نحو اسبوعين علّ الحكومة تتألف ويتصرف الوزير الجديد بهذه الهبة، والا فان حرب سيضطر آسفا الى صرف الهبة على تحديث وزارة العمل والمؤسسة الوطنية للاستخدام، كما قال. واكد انه لم يدرك سبب رفض مجلس الادارة، مبديا شكوكا من ان تكون خلفيات الرفض سياسية على خلفية رفض المعنيين في المؤسسة وهم من فريق معين، وأن ينجح في اصلاح الضمان الذي سينهار بدون هذا الاصلاح.
ويكشف غصن أن خلفية اثارة حرب الموضوع هو سؤال الضمان عن مصير الهبة، مطالبا بلجنة تحقيق قضائية او لجنة من سلطات الرقابة للتدقيق في كيفية صرف الهبة الاولى (700 الف دولار) وتجنيب الثانية المصير عينه.
حرب والبنك الدولي
وامس، كان للبنك الدولي موقف من مسألة الهبة. اذ وبعد اجتماع عقد في وزارة العمل بين حرب وكبيرة خبراء التنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك حنين السيّد وكبير خبراء نظم التقاعد والحماية الاجتماعية غوستافو دي ماركو في حضور المدير العام للضمان محمد كركي، أكدت السيد إن الهبة مقدّمة منذ نحو عامين ونصف عام بقيمة مليونين وربع مليون دولار "كي يفيد منها الضمان في مجالين: إعادة التوازن المالي غير المتوافر حاليا ومكننة الصندوق وتحديث أنظمته بما فيها ربط المستشفيات الكترونيا معه وفي ما بينها".
ولم تبد تفاؤلا حيال امكان قبول الهبة "لأن مجلس إدارة الضمان لا يزال يرفض التعامل معها رغم ان المشروع سيقفل بعد 11 شهراً، علما ان التوقف عن الدفع هو من الخيارات التي تدرس على الطاولة". واشارت الى ان البنك يساعد بأكثر من ذلك، "لكن مجلس إدارة الضمان غير مستعد للبحث في مشروع إصلاحي ويريد من الوزير أن يموّل له ثمن أجهزة كومبيوتر محمولة، وهذا ليس برنامجاً إصلاحياً". واكدت استعداد البنك حين يريد الضمان التحدث عن برنامج إصلاحي، داعية الى حسم الخيار في اسابيع "وإذا أراد مجلس الإدارة يوماً إعادة طلب المساعدة، فنحن مستعدون لأننا لم نغلق الأبواب". (النهار 21 نيسان 2011)